الاثنين، 28 أكتوبر 2013

نواجه مشكلة في الدول الإسلامية عامة و سوريا خاصة

نواجه مشكلة في الدول الإسلامية عامة و سوريا خاصة
بقلم رنا خطيب

نواجه مشكلة!!!

كلنا كمسلمين نتوق لعودة بريق الاسلام الى حياتنا بعد أن ساهم المستبدون في تجفيف دماءه في عروق المسلمين ، و قتل الحياة الإسلامية الحقيقة في تنظيمات و قوانين حياتنا و مؤسسات الدولة- التي نخرت فيها العلمانية الفاسدة باسم الوطنية تارة، و الليبرالية، و الاشتراكية المزيفة، و الرأسمالية تارة أخرى . لكن هنا نتحدث عن إسلام كمنهج و تطبيق شّرعه الله و اتبعه رسوله ومن بعده خلفاءه الراشدين و الصالحين منهم لإقامة هذه الدولة التي وصلت بحضارتها إلى أوربا –حيث كانت الأخيرة أنداك تغوص في بحور عصر الجهل و الظلام - والتي على زمانها شهدنا دولة إقامه الحق و العدل، والتي شملت في حدودها ضمان حق المسلمين و غير المسلمين فلم يظلم مسلما و لا غير مسلم ، بل كان قائد هذه الأمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حريصا على تمكين وحدة هذا المجتمع و رآب تصدعاته و ذلك بسعيه لأن يكون العدل و المساوة أساس التعاملات بين افراد المجتمع، وبحسب أحاديثه: بـ: أنه "لا فرق بين عربي عن أعجمي إلا بالتقوى" ." وأن الناس سواسية كأسنان المشط". ولم ُيظلم إنسان و لم يكره أحدا على دخول في دين لا يعتقد به انطلاقا من القاعدة الإسلامية التي اشار إليها الله في كتابه العزيز" لا إكراه في الدين" فكانت هذه الآية إشارة واضحة على ضمان حرية الاعتقاد. وكان الله في كتابه دائما يخاطب العاقلين، و يميز بين أصحاب العقول و الجاهلين الموكلة إليهم بناء الحياة ، حيث يقول في كتابه: "هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون " و هذه اشارة واضحة أيضا على أن دين الله هو من يخاطب العلم و العقل في البشرية، و ليس العكس كما يصوره الماسخون بأنه دين التخلف و الرجعية و الجاهلية.
ومع تقلبات موج الربيع العربي يتحقق للعاطفيين حلمهم بظهور ملامح الدولة الإسلامية لكن، يبدو أن هذه الملامح غريبة و هجينة عن ملامح الدولة الإسلامية الحقيقية، التي كانت تسود آنذاك في تاريخ الدولة الإسلامية منذ أكثر من1400 سنة، حيث تتسم ملامحها بالجهل و التشدد و التكفير لكل من يخالف القائمين عليها، و تتسم بظهور صبغة سياسية جديدة ذات طابع ايديولوجي تغذيها أقوام تستخدم الدين لخدمة مصالحها سواء كانت اسلامية أم لا- عربية أم غربية ،هدفها يتركز على استرداد حكم البلاد بأي ثمن كان ممن تسميهم من الكفرة الخارجين عن ملتهم ،لكن تبتعد كثيرا عن روح الدول الإسلامية الحقيقة التي يريدها الله للعالمين و ليس للمسلمين فقط. لكن هذه التغريدة الإسلامية المتعالية صوتها اليوم في قلب دول الربيع العربي و الإسلامي تتأرجح ما بين قبول و الشعوب الإسلامية و العربية لها بسبب التصرفات الجاهلة و المستبدة و المتشددة في الرأي و الموقف و الفعل التي تظهر لدى الكثير من أمرائها و حكامها و العاملين طوعا ضمن خدمتهم ، و بسبب استغلال الأنظمة الحاكمة لجهلهم و تشددهم و انقسامهم بسبب اختلافهم في غنائم السلطة، وفي نطاق مساحة الهيمنة و السيطرة على البلاد و الشعوب، و بسبب طريقة حكم الشعوب ، و بسبب محاربة الأنظمة العالمية لفكرة نهوض الإسلام من جديد، ومحاولة محاربة هذه النهضة بخلق تجمعات اسلامية متشددة غريبة عن تعاليم الإسلام توظف هذه التجمعات لضرب المسلمين في بلاد الإسلام و العرب مستغلة حالة الفوضى و الانقسام في المواقف و التنوع المذهبي و الطائفي .. و بإمكاننا أن نلاحظ كيف تنشط فرق الموت و الجهاديين في دول المسلمين ذاتها وليس اسرائيل العدو الاول للاستلام و العرب.. و من الملاحظ أن من يجاهدون اليوم بسلاحهم مع توقف عقلهم لاستيعاب الأخر ليضع أعمدة الدولة الإسلامية اليوم وفقا لمنظورهم يفشل بأن يوصل فكرته للشعوب، و خاصة الشعوب الواعية و التي تحترم حق العيش لأجل الحياة و المجاهدة لأجل بناء الحياة ... للأسف التيارات الإسلامية السياسية تحتاج الى قراءة كتاب الله قراءة صحيحة و ليس بالمقلوب كما هو اليوم لكي تستطيع الدخول إلى قلوب المسلمين أولا ثم غير المسلمين.. فالدولة الإسلامية التي نتعطش إليها دولة تقوم أولا على أرض قلوب الناس ... و متى ما سلم القلب من شوائبه تعدل مسار سعي الإنسان... و مقارنة لواقع اليوم نجد البون شاسعا ما بين الدولة الإسلامية الحقيقية و بين الدولة الإسلامية القائمة على التوجه السياسي .. فالإسلاميين الذين دخلوا السياسية للحصول على مكاسب دنيوية و كرسي حكم ساهموا إلى حد كبير في رفض الشعوب لهم و الخروج عليهم، بل كراهية بعضهم للإسلام نتيجة رفضهم لممارساتهم المنحرفة عن العقدية الإسلامية الصحيحة ، و بالتالي إعطاء الفرصة للأنظمة العلمانية و المستبدة لترتيب مواقعهم الذين كادوا أن يفقدونها بسبب صحوة الشعوب العربية و انتفاضتهم ضد هذه الأنظمة المستبدة.
و كل هذا الكلام ينطبق على ما يحصل في سوريا اليوم التي أصبحت ارضها بقعة لجلب الارهابيين و المتطرفين باسم اقامة الدولة الإسلامية المزعومة و هم لا يعرفون شيئا عن الإسلام. لذلك عليهم أن يعوا الحقيقة التي مفادها أن هذا الشعب الثائر منذ سنتين و نصف تقريبا و الذي تعرض لأبشع أنواع القتل و التدمير و التعذيب لينال حريته و يتحرر من الاستبداد السياسي في بلاده لن يقبل بالاستبداد الديني الذي يتبعه المتطرفون من التيارات الدينية .
في الحقيقة أدركت الشعوب الإسلامية و العربية طريقها لمحاربة الاستبداد و ظلم الحاكم لهم و لم تعد تلك الشعوب تقبل بأن يكون الحاكم المستبد يقودها كما يشاء، و الشعب الذي خرج ضد حاكمه المستبد و دفع فاتورة الدم باهظا لأكثر من سنتين و نصف لن يصمت عن الجهل و الظلام باسم الدين فسيحاربونهم .. لذلك على تلك التيارات السياسية التي تتظاهر بحكم الاسلام أن تدرك هذه الحقيقة و أن تعيد قراءة الاسلام جيدا قبل ان تسعى لتطبيقه فوقا لمنافذ آمرائهم و حكامهم و إلا سنعود لحكم الجاهلية و الظلم و الاستبداد ثانية.

رنا خطيب
28/10/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق