الأربعاء، 23 مايو 2012

الشعب المصري ينتخب رئيسا لمصر.../ بقلم رنا خطيب



الشعب المصري ينتخب رئيسا لمصر.../ بقلم رنا خطيب




23/5/2012
في مشهد نادر غاب عن مسرح العالم العربي عموما، و مسرح مصر خصوصا عقودا من الزمن يحتشد جموع الشعب المصري بكافة شرائحه و انتماءاته ليعبر عن صوته الحر بإرادة كاملة بمرشحه للرئاسة الذي يعقد عليه الآمال لمستقبل مصر – مستقبلا يعيد لمصر العربية كرامتها و موقعها العربي بين الدول العربية – مستقبلا يحرر المواطن المصري الذي أعياه الظلم و الحرمان و الفقر والتبعية من قبضة الدكتاتورية و الاستبداد .— مستقبلا يدوس فيه المصري العربي  بأقدامه على كل معاهدات التي أبرمها النظام السابق  مع عدو الأمة العربية والإسلامية وحلفائه ليخرج مصر من دورها القيادي القومي ويدخلها في دائرة الانحسار والتقهقر والتراجع خلف حدودها القطرية التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو لها ولسائر بقاع الوطن العربي – مستقبلا يضع أسس الدولة المدنية الحديثة وفقا لما يريدها المصري العربي الحر و ليس سواه.. 
إنه يوم انتخاب الشعب المصري لرئيس مصر بعد سنة و عدة شهور من قيام ثورة مصر المباركة عام2011. إنه يوم تبدأ فيه مصر مرحلة غير مسبوقة في تاريخها حيث يتوجه أكثر من 51 مليون مصري ناخب  نحو صناديق الاقتراع، والتي يشرف عليها أكثر من 14 ألف قاضي ، و الشعب محمي من قبل الجيش المصري الذي كان وسيظل حماة الوطن داخل و خارج مصر .. هذا اليوم يصمت المرشحون ويتكلم الشعب.. و هنا نسال ماذا أعدّا هذا الشعب من كلام تزنه الأفعال على أرض الواقع؟ فالعالم العربي و الغربي يترقبه اليوم و يراهن بعضهم على أخطائه في الهدف، و على تطويق ثورته التي دفع ثمنها دماء مصرية عربية حرة  لأجل ما سيقوله الشعب في من سيجعله اليوم خادما لمصر.
من المجحف أن نعتبر مستوى الوعي عند كافة شرائح الشعب واحدا وكذلك الضمير .. كما من المجحف أن لا ننظر إلى الأهواء و المنافع الشخصية في تحكمها في اختيار الشعب لمرشحه لأننا نعاني عموما  من أزمة في الضمير و الأخلاق و تشتت المبادئ و غياب الحقيقية و سيطرة الضبابية على مواقفنا اليوم.
وأخيرا من المجحف أن ننظر إلى العميلة الانتخابية رغم كل مظاهر الدعايات المحاطة بها من حزم وأمن وقبضة و انتظام و تساوي بين الشعب و المرشحين على أنها  ملائكية السلوك وأن لا يتخللها خروق قد تعرقل نجاح العملية الانتخابية في حال سيطرت الفوضى العائمة.. ووفقا لما صرحت به فضائيات مصر وصحفها بأن هناك تجاوزات قد تم تطويقها سواء في الدعوة لمرشح ما ، أو رشوة المواطنين ببعض المواد التموينية و العينية، أو التقاط الناس في الطرقات لطلب ترشيح فلان، أو ما حصل داخل غرفة الانتخابات،  أو التجيش ضد بعض المرشحين..


إذا ما يحتاج المصري إليه، و كذلك أي عربي، اليوم إلى وسيلتين هما: الوعي و الضمير للحفاظ على مكتسبات ثورته، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وهنا تكمن المعضلة ليس فقط عند الشعب المصري، بل شعوب العالم العربي و الغربي أيضا.
فالنزاعات الداخلية، و الحاجة المتفاقمة، وأمراض الفرد الاجتماعية و كذلك المجتمع، و سهولة توجيهه و قيادة رأيه بسبب عاطفته الانفعاليةأ و عدم تمتعه بالوعي العميق لما وراء الصورة الظاهرة تجعله يقع في براثن الخداع بالأشخاص المرشحة بمجرد مسمياتها الخارجية  ..  و لن أعلق على المسميات فهي كلها لها أجندات تتبع لمن يموّلها فكريا و ماليا و تنظيميا – داخليا و خارجيا- و سواء كانت ليبرالية علمانية أم سياسية دينية.
ولعل من أهم التساؤلات التي تثير حفيظة المراقب اليوم لما قبل وأثناء العملية الانتخابية للرئاسة هو من أين تأتي المليارات التي ينفقها المرشحون المصريين اليوم في حملتهم الانتخابية؟؟ وقد يقولون إن الإنفاق وصل إلى ما يقارب  60 مليار جنيه مصري ،وبعضهم يقول مليار و نصف و هذا المرجح لدى الراصدين ؟ هل هي أموال من الداخل أم من الخارج؟ هذا من جهة، و من جهة أخرى ، سلوك بعض التيارات الإسلام السياسي التي تظهر من سلوكها اليوم ما يناقض قولها بالأمس، و تجدها تتميز في السطو و الهيمنة على العقول و شراء ذمم الناس للفوز بالانتخابات عن باقي المرشحين ؟
هل غاب عن هذه التيارات أنها يجب أن تكون اشد تطبيقا للمصداقية، و ربط القول بالفعل كونهم يمثلون خلافة الله على الأرض بحسب ادعاءاتهم؟!!!! 
هل للمال السياسي دورا في التأثير على رأي الشعب و توجيهه نحو الهدف المطلوب بسبب الحاجة و غياب الوعي والضمير عند فئات من الشعب؟؟
لقد رصد المتابعون حالات كثيرة لشراء ذمة و صوت الناخب، واغتيال إرادته الحرة بأن يكون له رأيا بدون هيمنة أو إغراء مالي يجعله يخون مبدأه، فتم تهيئة عقله مسبقا للعملية الانتخابية ليكون جاهزا للانتخاب في يومها ..و كان في ميدان التحرير من يطبخ و يعد الوليمة لهذا اليوم. 
لكن اللوم يقع على الشعب الذي يقبل أن يفاوض على صوته ويبيع ضميره لأجل مال أو منصب عابر..و هو بهذا السلوك يعرض ثورته و شعبه البريء منه و بلاده للخطر بسبب ترجيح مصالحه على مصالح أمن مصر.


لقد جاءت للشعوب العربية فرصة أن تتحرر من قبضة الديكتاتور و الاستبداد و العبودية في ثورتهم الشعبية، و قد بذلت الغالي و الرخيص لأجل هذه الثورة، و ما زالت تبذل و مصرة على الوصول إلى نقطة الهدف التي يسير إليها قطار ثورتهم فلماذا يرضى بعض الشعوب من أن تستعبد  ثانية من قبل أهل المال لتغير مسير  قطار الثورة إلى هدف يعود به  بشعبه و ببلاده إلى نقطة الديكتاتورية و العبودية لكن بلون جديد؟
في هذا اليوم المفصلي سيكون للشعب كلمته و عليه سيحدد مستقبل مصر، و لا ننكر بأنه محاصر بقوى داخلية و خارجية تحاول أن تثبت أقدام حليفها لحماية مصالحها سواء عبر المنظمات المدنية الداعمة للحرية ، أو مراكز حقوق الإنسان و الدعم المالي لفئات معينة، بالإضافة إلى القوى الداخلية التي أيضا يهمها رئيسا أن يضمن استمرار مصالحها في مصر، لكن الشعب المصري قد تجاوز الكثير من العقبات التي وضعت أمام طريقه لعرقلة تقدمه وأثبت للجميع بأنه على قدر المسؤولية لكن عليه أن يتصدى للحالات التي تشتري ذمم بعض المواطنين بسبب فقرهم أو قصور وعيهم أو عاطفتهم الدينية وذلك بتوعيتهم و مساعدتهم على المشاركة في تحديد مستقبل مصر .
عيون الأمل و الرجاء و كذلك عيون الأعداء تترقب كلمتكم يا شعب مصر  فكونوا على قدر هذه المسؤولية التي وضعكم الله أمامها  ثم دماء ثواركم لتكملوا مشوار عودة مصر التاريخ.مصر الحضارة..مصر العربية إلى موقعها الريادي في قلب الأمة العربية.


مع التحيات 
رنا خطيب


حرر : 23/5/2012
يوم انتخابات الرئاسية في مصر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق