الجمعة، 4 مايو 2012

أدب: لقاء على الهواء مباشرة مع مثقف القرن الحادي و العشرين .

مقال ساخر:


لقاء على الهواء مباشرة مع مثقف القرن الحادي و العشرين .
السادة أعضاء المجتمع العربي الأفاضل
تحية عصرية مباركة
يتشرف تلفزيون نجوم الثقافة العربي بأن ينقل إليكم لقاءا ، وعلى الهواء مباشرة ، مع الناقد و المفكر " بديع الزمان الحداثي" و هو من شباب هذا العصر الذي استنشق ثقافته من الأصول الثقافية الحديثة و مفردات العولمة .
وقد قبل دعوتنا له رغم مشاغله الكثيرة ، أملين أن يقدم لنا شيئا من معين رصيده المعرفي الثقافي فينفع بها شباب هذا الأمة ، الذي يعاني من تصحر مساحات الثقافة و الوعي في عقله .
أرحب بضيفنا الكريم و نبدأ لقاءنا بالأسئلة التالية:
أستاذ بديع :
المذيعة: لكل عصر ملامحه التي تميزه عن الأخر ، والتي تصبغه بمفاهيم جديدة تختلف عن القديم الموروث ...وهنا يحدث الصراع بين القديم الموروث وبين الوافد الجديد فكيف تنظرون إلى هذه الصراع؟
بديع :في الحقيقة المسالة لا تحتاج إلى كل هذا التعقيد.. لماذا نتمسك بمواريثنا القديمة وتعقيداتها ، وعالم الحداثة يفتح ذراعيه إلى كل ناشئ يبحث عن هويته الثقافية في عصر تتبارز فيه الأمم لمن سيعتلي صهوة التقدم. إنه التخلف الذي يشدنا إلى الوراء ، و لا مجال للتقدم و مصافحة الأمم إلا بنبذه و إسقاطه من ذاكرتنا .
المذيعة: كتمت دهشتي وأكملت : لكن أمتنا تزخر بتاريخ سبق تلك الأمم، و هو مبعث فخر لنا لما خلفه لنا من رحم الإبداع أعلاما كانوا لهم السبق في نهضة أمتنا و نهضة الأمم الأخرى؟
بديع سيدتي هذا كلام إنشائي عندما نعجز عن استحضار منجزاتنا في هذا العصر .. أعطيك مثالا.. أمريكا مثلا دولة عظيمة الآن ، وهي قوة ذات رهبة تسيطر على أنفاس الأمم استطاعت أن تبني حضارة دون وجود تاريخ قديم تفخر به أو تأخذ منه العبر . فماذا تقولين في هذا ؟؟
المذيعة: أقول العلم عند الله.
حسنا.. هل تتفق معي بأن اللغة العربية تتعرض لتحديات كبيرة تهدد وجودها بسبب التمرد على القوالب اللغوية القديمة ، و صياغتها ، وإعادة تشكيلها ، بالإضافة إلى زحف اللغات الأخرى ، و إقبال شبابنا عليها رغم قصورهم في التعامل مع لغتهم بالإضافة إلى قلة المدافعين عنها من خلال تثبيتها و ترويجها على أرض الواقع ؟
بديع: بصراحة وبدون روتشات أنا لا أهضم اللغة العربية كلغة بلاغية ذات بيان لأنها تحتاج إلى تخصص في فهم بلاغتها ، ونحن مع عدم المؤاخذة أصبحنا في عصر السرعة الجنونية ، وليس لدينا الوقت للتعامل مع لغات معقدة التركيب .. لذلك ما يهمنا منها كشباب يتطلع للعصر ، و منغمس في لغة العولمة هو ما يعيننا على فهم بعضنا و تسيير أمور حياتنا ..
ثم إن التحول إلى معرفة لغات العالم يطلعنا على ثقافات العالم ، و يكسبنا معرفة تلك الشعوب .. و هذا يدخل ضمن الحديث النبوي الذي يقول على ما أذكر: " من تعلم لغة قوم امن شرهم "
المذيعة: جميل يا أستاذ بديع أن تتذكر شيئا عن ثوابتنا الدينية من خلال ذكرك لحديث الرسول صلى الله عليه و سلم ..
لماذا هذا الاستغراب يا آنسة؟
أنا مسلم عربي لكن عصري ،و يهمني أن ينظر إلي الغرب نظرة رضا فهم سادة العالم الآن .. فأنت تعرفين كيف ينظر الإنسان الغربي للعربي ! و كيف يقيّمه ! فهو يعتبر العربي ما زال يسكن الخيم ، و يرعى الغنم ، بالإضافة إلى أنه متخلف ، والأفظع من هذا أنه إرهابي و مصاص دماء ..
المذيعة: يا ساتر.. يا ساتر وضحكت من الدهشة .
هذه هي نظرتك الشاملة والواقعية للعربي و الغربي ؟
طبعا .. و هل تشكين بهذا؟؟
المذيعة: كما تريد حرية الرأي مكفولة هنا ..
أستاذ بديع :
. ما هو المصدر الذي نهلت منه ثقافتك الواسعة هذه؟؟
طبعا الإنترنيت ..أليس هو مصدرا كافيا ، ووافيا لصناعة الفكر ، و قيادة المشهد الثقافي في هذا العصر .. لقد كانت اكبر هدية وهبتنا إياها العولمة هي هذه الأداة التي أشبهها بالجني المتوقد ..
المذيعة: جني مرة واحدة؟؟ أنه تشبيه بليغ ، وهو يحتاج إلى وضعه تحت المجهر لمعناه البلاغي الضارب في الدماغ.
بديع: لا عليك يا آنسة.. ذكرني بعد هذا اللقاء أن أهديك قاموسا خاصا بمفرداتي الخاصة ، وهو حصيلة عصارة معرفتي و بحثي في هذا المجتمع التعبان ، و تعاملي مع البشر الهمج.
المذيعة: سيدي أرى لغتك راقية في الحوار!!  ففعلا كما تقول لك مفردات خاصة يلبسها الاستفهام ؟
حسنا .. هذا يعني أنك غضضت الطرف عن الكتاب الذي لا يمكن أن يكون الإنترنيت البديل عنه ، لأن الإنترنيت في نظري يوفر معرفة جزئية و ليس شاملة. فالكتاب خير جليس و خير أنيس عندما تخلو بنفسك..
بديع: يا آنستي البشوشة لماذا كل هذا التعقيد ؟ دعينا نخاطب لغة العصر فهي الأداة التي يجب أن نحاكي بها معارفنا و تطلعاتنا .. الكتاب شيء جميل لكن يأخذ الكثير من وقتنا ، لذلك نختصر الوقت بالحصول على كل ما تتطلبه الحاجة من معرفة.. فكم جميل أن أكتب بحثا بالاستعانة بالإنترنيت ..لمجرد نقر زر أحصل على المعلومات التي أريدها أنسخ بعضها و الصقها ، و بعضها أجمّلها ـ و الأخرى أخذ منها الفكرة ثم أضيف أسلوبي الخاص..
المذيعة: ما رأيك برئيس أمريكا الجديد " أوباما " و رغبته بمصالحة العالم الإسلامي و العربي من خلال خطابه التاريخي الذي ألقاه في القاهرة معلنا عن فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي وسعيه لحل قضية فلسطين بطرح " حل الدولتين "
بديع : ما شاء الله عليك يبدو انك مثقفة جيدا ..بصراحة يا عزيزتي لا أحب وجع الرأس ، و السياسة أكبر مننا ..لكن أقول لك أمرا من خلال سماعي لبعض الأخبار ، فأنا أرى أوباما مفتاح السلام بين الشعوب الإسلامية و أمريكا ، و الأجمل من هذا علينا ان نستثمر الفرص، كما سمعت أيضا ، التي طرحها بدعم بعض المشاريع وتبادل الخبرات و إمكانية الدراسة و العمل هناك.. هذه الفرص لوحدها طاقة استثمار سترفع من الشأن العربي العلمي و الاقتصادي.. هذا ما يهمني أما قرارات و المواقف السياسية المتذبذبة فهي لا تعنيني .
المذيعة: ما رأيك بالقوانين الجديدة التي تتولها منظمات خارجية ، و تسوقها للحكومات كي تفرضها علينا.. كقوانين الجديدة المتعلقة بالأسرة و الطفل و المرأة؟؟
بديع: حلمك..حلمك علينا أراك تفتحين علينا الأبواب المغلقة .. بصراحة لا علم لي بهذه المواضيع.. لكن بصورة عامة أن مع كل تغير نحو الأمام ..يكفينا تخلف .
المذيعة: حسنا ما تعريفك للمفاهيم التالية :
الوطن: حيث تقف أقدامي .الانتماء: حيث أجد مصلحتي أعطي ولائي .الحرية: مفهوم مطاطي و ضائع في المجتمع العربي ، لكنه  مطبق في المجتمع الغربي .الهوية: لا أعرف .العولمة : هي اللون الجديد للمعرفة العصرية ، و هي الهوية المشتركة للعالم ، و هي الرابط الذي جمع دول العالم ضمن محيط واحد و هي الوعاء الحاضن لمفاهيم العالم الحالية و هي الناقلة لعلوم و ثقافة الشعوب المتقدمة.
تحرر المرأة: واجب إنساني و أنا مع كل خطوة تدعو إلى تحرر المرأة ، و الدخول في كل ميادين العمل ، و المسؤولية بكافة اتجاهاتها.
الرفق بالحيوان: نحن شعوب لا نملك هذه الدعوة لذلك أحترم الغرب لأنهم لم يضعوا فقط قوانين للرفق بالبشر بل حتى للرفق بالحيوان.
المذيعة: همست مع نفسي نعم صدقت ، رفق بحيواناتهم و هدر لدماء أبنائنا..
بديع: لم افهم ما همستي به يا آنسة ..
المذيعة: لا شيء أستاذ بديع كنت أحاول كتم الكحة التي جاءتني فجأة .
هل تريد أن تضيف شيئا ؟
بديع: نعم أريد أن أوجّه رسالة إلى أولياء أمورنا بأننا نحن جيل الشباب ، والذي يقع على كاهلنا بناء الحضارة نطلب فقط أن يكونوا عونا لنا ، و أن يخاطبوننا بلغتنا وعقليتنا ، وأن يدعوننا نتحرر من عقدة الموروث القديم .
مع الشكر لاستضافتكم لي ضمن هذا البرنامج الشيق.
المذيعة: لحظة أستاذ بديع
قبل أن ننهي الحوار ..لفت نظري عبارة بناء حضارة.. فهل تخبرنا ما هي الأدوات التي تملكونها الآن ، و أنتم في العصر الحادي و العشرين و نحن قوم أثرنا التقليد والإتباع على النهضة بأدواتنا و الإبداع؟
بديع: آنستي
بناء حضارتنا نحن جيل الشباب لا يحتاج إلى إبداع ، فكل شيء متوفر و البركة في تصدير دول الغرب لنا كل ما تحتاجه عقولنا للنهوض ..فقط نحتاج إلى استخدامها ، و اكتساب الهوية العالمية التي أصبحت كل الدول تحتاجها عند المرور .

المذيعة : في الختام نتقدم إليكم بالشكر على قبولك دعوتنا في هذا اللقاء و نتمنى لكم كل الرقي و النجاح .

ونبقى على الهواء مباشرة مع أعضاء الملتقى لمعرفة ردودكم حول هذا النموذج من الشباب العربي.
دمتم بخير
رنا خطيب

18/12/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق