رسالة أدبية:
صديقي الألم
سألت النفس عن أصدق الرفقاء الذين رافقوني في رحلة الأيام ، فكانت الإجابات كلها تشير إليك مبتسمة ..
نعم أيها الوفي كنت مخلصاً معي، ترافقني في كل لحظات جنوني ، تطير محلقاً مع النفس ، فتسبقها إلى ذاك المكان حيث خصوبة الألوان تنتظرني، فتحيل بين لقائها لتعيد صبغ ألوانها إلى خطوط سوداء ، يصعب نفاذ الضوء إلى ثناياها .
أتذكر أيها الألم كم قضينا من الأوقات نجرّ هزائم الصدق ،
ونتجرع مرارة شجونه، في زمن تعزف على أوتاره غاوية من البشر ، فتخرج ألحانا مبهمة لا تنتمي إلى أغنية الضمير.
ونتجرع مرارة شجونه، في زمن تعزف على أوتاره غاوية من البشر ، فتخرج ألحانا مبهمة لا تنتمي إلى أغنية الضمير.
أم تلك الأيام التي عبثنا بها ببراءة الطفولة، فأبعدنا النفس عن سكون لحظاتها ، فطمسنا معالم نضارتها ، و أوقدنا على قممها الشامخة نيرانا أحرقت بألسنتها الملتهبة براعم الزهر المتخمة بنبض الحياة .
كنت دائما الأول في مرافقتي في طرقات الشعور المتنوعة ، تحاول دائما أن تبعد وميض السعادة الهزيل عن عيون النفس كي لا تسرق بصيرتها ، كما تفعل
( وميض السعادة ) مع بني البشر دون أن يشعروا.
( وميض السعادة ) مع بني البشر دون أن يشعروا.
لا أنسى أبدا ذاك اليوم الذي توجت به بطل الملحمة عندما طرق زائر الحب باب النفس ، حاملا معه هدايا الجمال و الشوق .كان في عينيه بريق الأمل ، و توهج الشعور ، و توقد الأفكار ، و لهفة المفتون إلى عناق منغمس يخرج منه نورا يضيء ظلمة الدروب في أثناء مسيره نحو الأمام.
احترت عندها أيها الألم الوفي كيف تتفنّن في منع نفاذ نور هذا الزائر إلى عرش قلبي و تغلغله في منعطفاته ..
كنت أشعر بعمق حزنك عندما أغادر مكانك ،أمتطي الغيمة البيضاء الحبلى بأمطار السعادة لأحلق في سماء ذاك الزائر . كنت تحاول أن تخلق عاصفة رعدية لتصطدم مع تلك الغيمة ، فتقذفها برصاص القسوة فتجهضها منعا من ولادة المولود السعيد.
أدركت في لحظتها كم تحبني و كم تعشق مرافقتي و لا تمل من وصالي .
لكن لا بد لي أن أعترف بصنيعك الذي لن أنساه :
فقد تعلمت في مدرستك أن أغوص في قاع البحر لأخرج منه لآلئ الحكمة ، و أيقنت أنّ الاقتراب من الأضواء المبهرة تحرق أصحابها ، و أنّ جمال الحياة يكمن في ثنائياتها المتناقضة ، و أنّ في مرافقتك تصنع إنسانا لا تهزمه جيوش الإغواء و لا فتنة الضوء .
فقد تعلمت في مدرستك أن أغوص في قاع البحر لأخرج منه لآلئ الحكمة ، و أيقنت أنّ الاقتراب من الأضواء المبهرة تحرق أصحابها ، و أنّ جمال الحياة يكمن في ثنائياتها المتناقضة ، و أنّ في مرافقتك تصنع إنسانا لا تهزمه جيوش الإغواء و لا فتنة الضوء .
أعترف لك أيها الصديق الوفي بأنني حاولت أن أتمرد عليك و ارحل و سعيت لذلك..لكن قدر النفس كان يعيدني أليك رغما عني .
لذلك وصلت إلى شاطئ هذه الحقيقة الساطعة بأنك قدر يلازمني ما دام في النفس أنفاس تختلج مع نبضات الحياة و تتفاعل معها .
مع التحيات
رنا خطيب
رنا خطيب
8-4-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق