مقال سياسي:
اغتيال الحقيقية على مسرح الثورات العربية
هل كل ما يعرض على مسرح الثورات العربية من مشاهد و أحداث يعكس حقيقة ما يحصل على ارض هذه الثورة؟
أم هناك أيادي ضالة تسعى إلى تغطية المشهد الحقيقي لمجريات الحدث الثوري على أرضه؟
الحقيقة نور عندما ترتبط بقوة تدعمها و تأخذ بيدها و هي قوة الضمير و البصيرة و الجرأة في قول الحق و توظيف مفرداته في أماكنها الصحيحة . لكنها تتعرض للاغتيال الكلي أو الجزئي عندما تمسك بها قوى الضلال التي تستخدم أسلوب التغطية و التزييف لتغير ملامحها . أما الثورة فهي تعني التغيير سواء كان جذريا أو جزئيا لحالة فساد ألمت بالنظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التعليمية أو القانونية الوضعية و غيرها. و العلاقة بين الحقيقة و ثورة التغييرنحو الأفضل هما علاقة مترابطة مع بعضهما البعض ، فإذا ارتبطت الحقيقة مع الثورة كان النجاح حليفها ، لكن إذا ضلّت الحقيقة سعيها من قبل قوى الضلال تحولت الثورة الداعمة للحقيقة إلى فوضى و مؤامرة و انفجار ينفجر بوجه الأبرياء قبل الضالين وبالتالي ستفشل كثورة تستهدف التغيير الإيجابي .
يشهد المسرح العربي نوعا جديدا من الأحداث لم يألفه الإنسان العربي قي العصر الحديث بسبب غياب دوره في إطلاق هذه الأحداث ، و التي سميت بالثورات العربية . و قد تفاوتت درجة وصوت هذه الثورات من دولة إلى أخرى وفقا لأولويات تلك الثورة و مطالبها ، و وفقا لأدوات التغيير الفاعلة لها ، و التي تراوحت مطالبها ما بين إسقاط نظام عربي عميل و مع أتباعه كتونس و مصر ، و ما زالت السعودية تسيطر على صوت المتظاهرين رغم عمالة النظام لإسرائيل و أمريكا ، و ما بين مطالب و إصلاحات سياسية و اجتماعية و مزيد من الحريات و مطالب العيش الكريم كسورية و المغرب و الأردن و أكثر الدول العربية ، وبعضها الأخر أشتعل بشرارة طائفية كأحداث التي جرت بين شيعة و سنة في البحرين ، و بعضها الأخر غاب فيها نهج الثورة السلمية الحالية لتستورد أدوات غربية مستهجنة كدول مثل أمريكا و أوربا تضرب البنية التحتية للبلاد و تدمرها و تقتل المدنيين بحجة التدخل لإنقاذ البلاد من طاغية وحماية المدنيين كليبيا ، و البعض الأخر اختلطت الأوراق مع بعضها فتحولت المظاهرة السلمية إلى فتنة و مؤامرة أختلط فيها الأسود مع الأبيض كما يحدث في سورية و هناك الصوت الأقوى للإنسان العربي المطالب برحيل المحتل و المستعمر عنه المتمثل بأمريكا و الكيان الصهيوني كفلسطين و العراق لكنه غائب في ساحات الإعلام.
كان للإعلام و وسائطه و توجهاته التي تديرها مجموعات مختلفة لها أهداف مختلفة ، دورا كبيرا في المساهمة قي إشعال الأحداث وتأجيج نيرانها عند المتابعين لها فاختلفت ردود أفعال الشعوب و تباينت مواقفها بسبب تنوع القنوات الإعلامية التي تتأثر بها ..فكانت بدايتها مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بريطانية الصنع و هي إحدى الأدوات المساهمة و المتابعة لإشعال الثورات العربية من خلال التفاف مجموعة من الشباب العربي المتواصل عبر هذه المواقع إما لمواصلة مشوار الثورات الذي كان سببها الرئيسي انتفاضة الشعوب العربية ضد عوامل الاستبداد و الظلم و الحرمان أو استغلال اشتعال الثورات لنقل عدواها إلى دول عربية أخرى لم تشتعل بعد كي تتحول المنطقة العربية برمتها إلى منطقة تغيب فيها عوامل الاستقرار و الأمن و يسودها الفوضى و الضبابية لمعرفة ملامح المرحلة الجديدة بعد اشتعال الثورات . ثم يأتي دور الفضائيات و المواقع الإخبارية المشهورة و التي تمولها جهات لها مصلحة في دعم اشتعال الثورات في دول عربية مختلفة.. و لا ننكر بأن لهذه المواقع كالجزيرة و العربية و الـ بي بي سي العربية بريطانية الصنع دورا بارعا في رصد الخبر سريعا و ترويجه حتى أحيانا قبل حدوث الخبر ( كما تفعل العربية جزاه الله خيرا عندما تعلن خروج المظاهرات قبل أوانها ، و انقطاع الاتصال و هي تتواصل مع شهود العيان في قلب تلك البلاد ، و التي لا تنقل إلا الجانب الذي يخدم أهدافها ) أو حتى تعتيم على بعض الأحداث بسبب ارتباطات تلك القنوات بالجهة التي تمولها لكنها لم تكن تتمتع بالمصداقية الكاملة في نقل الخبر كما هو..فنرى مثلا في موقع العربية والجزيرة كيف كانت ترصد حالة الانفجار من جهة واحدة كي تفجر المشاعر ..و كانت تركز في أخبارها على تأجيج مشاعر الغضب عند الشعوب للخروج الغاضب على الحاكم فتكون النتيجة اشتباكات و قتل و جرحى كانت ترصدهم لتزيد من سلبية الصورة لكي تتدخل أمريكا و حلفائها ..بينما كانت القنوات الإعلامية العربية و الغربية إلا من رحمهم ربي تغطى الطرف عن ما يحدث في فلسطين و العراق من انتهاكات المحتل بحق صاحب الأرض بسبب ارتباط مصالحهم بالمحتل ، و بسب تبعية الإعلام الغربي و حتى العربي لهذا المحتل كما يحدث في البلدين الشقيقين فلسطين و العراق . غير القنوات الفضائية المحلية التي في غالبيتها تفتقر إلى المهنية في تغطية شاملة للأحداث فتغطى الطرف عن الجانب السلبي للثورات و توجه كاميراتها إلى الجانب الإيجابي فقط لاحتواء أحداث الثورة أمام الشعوب . و لا ننسى المنتديات العربية و ما تحتويه من مدعي الثقافة الذين لعبوا دورا كبيرا في تضليل و اغتيال الحقيقة ، وخصوصا على من لا يفقه شيئا في أبجدية السياسة..فتراه ينقل ما يتفق مع ميوله الشخصية الضيقة و يتفق مع إيديولوجية الدولة التي ينتمي لها فيتبنى موافقا و آراء قد تضل الحقيقة و تشوه ملامحها بحجة أنهم يتضامنون مع الثوار الحقيقيين تحت مظلة حماية حرية الرأي و التعبير للشعوب ، بغض النظر إن كانت هذه الشعوب تتمتع بالوعي و الفكر اللازمين لقيادة و إدارة حرية التعبير و الرأي أو أنها مجرد أصوات تصرخ في حلقة فارغة. و كانت من أهم الماسي الإعلامية التي واجهتها أحداث الثورات العربية لاغتيال حقيقتها على أرضها هي استخدام اليتيوبات التي تعتمد على التصوير الشخصي أحيانا أو على استوديوهات تدارفيها عمليات إنتاج هذه اليتيوبات و التي يتم أحيانا اغتيال الحقيقة فيها من خلال فبركة الصور و ربط صور قديمة بجديدة ( كما حدث في يتيوبات مفبركة كان المارينز الأمريكي يدوس فيها على رجال العراق في أرض العراق فصورت على أنها الجيش السوري الذي يفعل هذا بالمتظاهرين على ارض سورية) لتضل عقول الشعوب عما يحدث على أرض الواقع فتزيد من غضب الشعوب للخروج عن أمنها ويزيد من قوة دعم المعارضات الخارجية التي تتغذى خارجيا على حقد الأوطان ، و تزيد من وتيرة ارتفاع التنديد لدى أمريكا الأم الحنون للشعوب و قد تتطور الأمور إلى إرسال قوات أجنبية غاشمة و معدات عسكرية تدميرية كاملة لتقمع هذا الطاغية الحاكم المنفرد الذي شتت العالم كله . تكشف المتابعات و التحقيقات لأحداث سورية الأخيرة على وجود 9 أقنية فضائية ُجندت لتسويق مشروع الفتنة في سوريا وبث الأكاذيب في صفوف الشعب السوري لتأجيج مشاعر غضبه وخروجه عن أمنه و هي الجزيرة - العربية - أورينت - الحرة - بي بي سي - فرانس 24 - المستقبل - ام تي في – و قد مول هذا المشروع شركة أوبتي و مقرها في دبي و لها عدة مكاتب في بيروت و هي تمول هذه المكاتب ، و هي مملوكة لإيلي خوري وهو لبناني الأصل و يحمل الجنسية الأمريكية و يعمل مع اللوبي الصهيوني في واشنطن وقد قام بتجهزي 5 غرف عمليات في مناطق مختلفة لإدارة مشروع تسويق الفتنة و تضليل الشعب السوري بمجموعة من الأكاذيب . و كذلك بالنسبة للجزيرة رغم كل الدور التنويري الذي لعبته في العقل العربي و لا بد من أن نشكرها عليه ، لكن للأسف كانت تقف المصداقية عندها عندما تصل تغطيتها الإخبارية إلى الجهة التي تتبعها و تمولها وبيدها جهاز التوجيه و القيادة..ففي الوقت الذي كانت به تسلط الضوء على أحداث الثورات في تونس و مصر و اليمن و البحرين و ليبيا و تلعب دورا تحريكيا في قيادة غضب الشعوب لتتمرد على أنظمتها و تسقطها ، كانت تغطى الطرف على ما يحدث في قطر الممول الأساسي لها..فأين صوت الجزيرة الحر فيما يحصل في قطر من مظاهرات و احتجاجات في الشارع القطري ؟!! و أين كشفها لملفات العلاقات القطرية الإسرائيلية القوية في تبادل المصالح و ما ينتج عن هذه العلاقات من زيارات متبادلة و مزيد من المشاريع تحت مظلة العلاقات القطرية الإسرائيلية ؟!! . هل نقدم لها العذر لأنها قطر ؟ أم نوقف ولاء تبعيتنا لها كونها كانت المنبر التنويري الأول في العالم العربي لإضاءة عقولنا لما يحدث على الساحة العربية السياسية ؟ . أم نكون العقل الحر الذي لا يقبل التبعية و الانصياع لجهة معينة ، و الذي يستخدم أدواته للقراءة و التدقيق و التحليل و إضافة رأيه للتوصل إلى الحقيقة ؟ . و أما القنوات الإعلامية الإسرائيلية و ما أكثر تضليلها للحقيقة من خلال تركيز أخبارها على ما يظهر عداء العرب لها أمام العالم ، وما تفعله المقاومات الشريفة كحماس و جهاد و حزب الله ضدها كردة فعلها على مشروع الكيان الصهيوني الاستيطاني على أرضها و التي يطلق هذا الكيان عليها اسم المقاومات الإرهابية ، و من خلال قيادتها للحرب النفسية التي تسبق العسكرية إن وجدت صدى لقبول إشاعاتها حول عزمها على قيادة حروب ضد بعض الدول أو المقاومات ، خصوصا بعض هزيمتها النفسية التي منيت بها في حرب تموز 2006 مع حزب الله في لبنان ، و محرقة غزة مع مقاومات الفصائل حماس و جهاد في فلسطين بداية عام 2009 . لقد سبقنا أجدادنا بمراحل في تطوير وسائل التكنولوجيا بما يخدم وجودنا في هذه الحياة ، و اختصرنا الوقت ـ وأصبحت وسائل الكشف عن الحقيقة أكثر مما كانت عليه في القديم ، لكن مع كل هذا ظلت الحقيقة غائبة تلوح لنا في أفق السماء بعيدة المنال بسبب تضليل أنفسنا و تضليل الأخر لنا بإتباعنا الأعمى لما يتفق مع ميولنا الشخصية التي قد تصدق و التي قد تغيب، لكن لا تكلف نفسها بالاجتهاد لكشف الحقيقة من خلال متابعتها من عدة مصادر .
وتأتي المعارضات الخارجية التي تعيش خارج خندق الوطن لتعزف على أوتار الفتنة و المؤامرة بألحان مستهجنة مختلفة لتصطاد ضعفاء النفوس أو حتى من تعرض لظلم داخل بلده نتيجة نشاطات سياسية .. و إذا تتبعنا هوية هذه المعارضات الخارجية فسنفاجئ بأن أصحابها كانوا يعيشون في هذا الوطن يتقاسمون موارده و يشاركون في صناعة ملامحه ، لكن كانت ميولهم تغني خارج أمن الوطن ، فتم إبعادهم لتستقبلهم الدول الأخرى التي لها مصلحة في وجودهم. . أو قد يكون من بعض أفراد المعارضة الخارجية من هوية عربية لكن تربوا و ترعرعوا على هواء و موارد تلك البلاد و على عملتها و على توجهاتها فتنكروا لهوية الوطن و كوّنوا معارضتهم بدعم من تلك القوى.. و من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن أصوات المعارضات الخارجية لا يهمها أمن الوطن و لا شعبه و لا القضاء على الفساد و تحريره من قبضة الفاسدين ـ و لا المساهمة في مشروع التغيير و الإصلاح ..لكن يهمها فقط أن تبث الفوضى بين الشعب لإشاعة الفتنة و تصعيد الخطاب الطائفي بين أبناء الوطن الواحد ، و خصوصا إن كان نسيج الوطن مكون من طوائف و مذاهب كثيرة بذلك تضعف قوته و تشتت وحدته و تقسم لحمته لكي يسهل لانقضاض عليه ، و خصوصا إذا علمنا أن بعض المعارضات الخارجية تتطلع إلى العودة إلى الوطن لتحكمه.. و للأسف هذه المعارضات تنجح في أن تجد تأييدا لها عند بعض ضعفاء النفوس الذين يتسمون بالجهل أو يعانون من الفقر أو حتى من ظلم كانت له أسباب سياسة أحيانا فتستغل حاجتهم لشراء ضمائرهم بالمال و الوعود المستقبلية و لا يمكن لمثقف شريف يحب وطنه أن ينقاد ورائهم حتى لو كانت مغرياتهم كبيرة لأنه يدرك ماهيتهم وأهدافهم الخبيثة . و لنا في المعارضة العراقية الخارجية التي ساهمت في دعم أمريكا لدخول العراق مثالا كحجة لتحرير العراقيين من نظام الرئيس الراحل صدام فدخلوا الأمريكان و مزقوا البلاد و حولوها إلى دويلات يتصاعد فيها وتيرة الخطاب الطائفي وترتفع فيها عوامل الانقسام و الفوضى و الفقر و نقص في مطالب الحياة الإنسانية الكريمة.. و كذلك ما لمسناه في أحداث سورية الأخيرة في مقاومة المؤامرة عليها من قبل معارضات خارجية بالإضافة إلى دعم قوى خارجية أخرى.. و كان على قمة هذه المعارضات الخارجية معارضة عبد الحليم خدام النائب السابق لرئيس الجمهورية العربية السورية ..حيث أعترف في لقاء معه في إذاعة بي بي سي العربية بأنه يقود معارضة تهدف إلى إسقاط النظام العلوي في سورية حصرا بحجة أنه يريد الإصلاح و التغيير فضغط على ورقة الطائفية للتمييز بين شعب سورية و محاولة خلق فتنة بين الطوائف و المذاهب ،لكنه فشل بسبب مناعة هذا الشعب السوري المتسلح بالوعي و الإدراك و الحب لوطنه..وطبعا يجب أن نفرق بين المعارضة الخارجية التي تتغذى على توجيهات خارج الوطن والمعارضة الداخلية التي تنشأ في قلب الوطن تطالب بمطالب مشروعة بطرق سلمية بشكل لا تعترض مع أمن الوطن .
و هكذا تتوالى ضربات أيدي الضلال بمختلف أشكالها لتغتال حقيقة ما يحدث على مسرح الثورات العربية بسبب سوء استخدام الكثير لأدوات الإعلام التي وجدت لنقل الخبر و تبليغ الناس به و للأسف كانت المصالح الشخصية و المال و ضعف الضمائر و قابليتها للضلال هي السبب الرئيسي لتضليل الحقيقة و تغيير مسارها .
مع التحيات
رنا خطيب
18/4/2011
هل كل ما يعرض على مسرح الثورات العربية من مشاهد و أحداث يعكس حقيقة ما يحصل على ارض هذه الثورة؟
أم هناك أيادي ضالة تسعى إلى تغطية المشهد الحقيقي لمجريات الحدث الثوري على أرضه؟
الحقيقة نور عندما ترتبط بقوة تدعمها و تأخذ بيدها و هي قوة الضمير و البصيرة و الجرأة في قول الحق و توظيف مفرداته في أماكنها الصحيحة . لكنها تتعرض للاغتيال الكلي أو الجزئي عندما تمسك بها قوى الضلال التي تستخدم أسلوب التغطية و التزييف لتغير ملامحها . أما الثورة فهي تعني التغيير سواء كان جذريا أو جزئيا لحالة فساد ألمت بالنظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التعليمية أو القانونية الوضعية و غيرها. و العلاقة بين الحقيقة و ثورة التغييرنحو الأفضل هما علاقة مترابطة مع بعضهما البعض ، فإذا ارتبطت الحقيقة مع الثورة كان النجاح حليفها ، لكن إذا ضلّت الحقيقة سعيها من قبل قوى الضلال تحولت الثورة الداعمة للحقيقة إلى فوضى و مؤامرة و انفجار ينفجر بوجه الأبرياء قبل الضالين وبالتالي ستفشل كثورة تستهدف التغيير الإيجابي .
يشهد المسرح العربي نوعا جديدا من الأحداث لم يألفه الإنسان العربي قي العصر الحديث بسبب غياب دوره في إطلاق هذه الأحداث ، و التي سميت بالثورات العربية . و قد تفاوتت درجة وصوت هذه الثورات من دولة إلى أخرى وفقا لأولويات تلك الثورة و مطالبها ، و وفقا لأدوات التغيير الفاعلة لها ، و التي تراوحت مطالبها ما بين إسقاط نظام عربي عميل و مع أتباعه كتونس و مصر ، و ما زالت السعودية تسيطر على صوت المتظاهرين رغم عمالة النظام لإسرائيل و أمريكا ، و ما بين مطالب و إصلاحات سياسية و اجتماعية و مزيد من الحريات و مطالب العيش الكريم كسورية و المغرب و الأردن و أكثر الدول العربية ، وبعضها الأخر أشتعل بشرارة طائفية كأحداث التي جرت بين شيعة و سنة في البحرين ، و بعضها الأخر غاب فيها نهج الثورة السلمية الحالية لتستورد أدوات غربية مستهجنة كدول مثل أمريكا و أوربا تضرب البنية التحتية للبلاد و تدمرها و تقتل المدنيين بحجة التدخل لإنقاذ البلاد من طاغية وحماية المدنيين كليبيا ، و البعض الأخر اختلطت الأوراق مع بعضها فتحولت المظاهرة السلمية إلى فتنة و مؤامرة أختلط فيها الأسود مع الأبيض كما يحدث في سورية و هناك الصوت الأقوى للإنسان العربي المطالب برحيل المحتل و المستعمر عنه المتمثل بأمريكا و الكيان الصهيوني كفلسطين و العراق لكنه غائب في ساحات الإعلام.
كان للإعلام و وسائطه و توجهاته التي تديرها مجموعات مختلفة لها أهداف مختلفة ، دورا كبيرا في المساهمة قي إشعال الأحداث وتأجيج نيرانها عند المتابعين لها فاختلفت ردود أفعال الشعوب و تباينت مواقفها بسبب تنوع القنوات الإعلامية التي تتأثر بها ..فكانت بدايتها مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بريطانية الصنع و هي إحدى الأدوات المساهمة و المتابعة لإشعال الثورات العربية من خلال التفاف مجموعة من الشباب العربي المتواصل عبر هذه المواقع إما لمواصلة مشوار الثورات الذي كان سببها الرئيسي انتفاضة الشعوب العربية ضد عوامل الاستبداد و الظلم و الحرمان أو استغلال اشتعال الثورات لنقل عدواها إلى دول عربية أخرى لم تشتعل بعد كي تتحول المنطقة العربية برمتها إلى منطقة تغيب فيها عوامل الاستقرار و الأمن و يسودها الفوضى و الضبابية لمعرفة ملامح المرحلة الجديدة بعد اشتعال الثورات . ثم يأتي دور الفضائيات و المواقع الإخبارية المشهورة و التي تمولها جهات لها مصلحة في دعم اشتعال الثورات في دول عربية مختلفة.. و لا ننكر بأن لهذه المواقع كالجزيرة و العربية و الـ بي بي سي العربية بريطانية الصنع دورا بارعا في رصد الخبر سريعا و ترويجه حتى أحيانا قبل حدوث الخبر ( كما تفعل العربية جزاه الله خيرا عندما تعلن خروج المظاهرات قبل أوانها ، و انقطاع الاتصال و هي تتواصل مع شهود العيان في قلب تلك البلاد ، و التي لا تنقل إلا الجانب الذي يخدم أهدافها ) أو حتى تعتيم على بعض الأحداث بسبب ارتباطات تلك القنوات بالجهة التي تمولها لكنها لم تكن تتمتع بالمصداقية الكاملة في نقل الخبر كما هو..فنرى مثلا في موقع العربية والجزيرة كيف كانت ترصد حالة الانفجار من جهة واحدة كي تفجر المشاعر ..و كانت تركز في أخبارها على تأجيج مشاعر الغضب عند الشعوب للخروج الغاضب على الحاكم فتكون النتيجة اشتباكات و قتل و جرحى كانت ترصدهم لتزيد من سلبية الصورة لكي تتدخل أمريكا و حلفائها ..بينما كانت القنوات الإعلامية العربية و الغربية إلا من رحمهم ربي تغطى الطرف عن ما يحدث في فلسطين و العراق من انتهاكات المحتل بحق صاحب الأرض بسبب ارتباط مصالحهم بالمحتل ، و بسب تبعية الإعلام الغربي و حتى العربي لهذا المحتل كما يحدث في البلدين الشقيقين فلسطين و العراق . غير القنوات الفضائية المحلية التي في غالبيتها تفتقر إلى المهنية في تغطية شاملة للأحداث فتغطى الطرف عن الجانب السلبي للثورات و توجه كاميراتها إلى الجانب الإيجابي فقط لاحتواء أحداث الثورة أمام الشعوب . و لا ننسى المنتديات العربية و ما تحتويه من مدعي الثقافة الذين لعبوا دورا كبيرا في تضليل و اغتيال الحقيقة ، وخصوصا على من لا يفقه شيئا في أبجدية السياسة..فتراه ينقل ما يتفق مع ميوله الشخصية الضيقة و يتفق مع إيديولوجية الدولة التي ينتمي لها فيتبنى موافقا و آراء قد تضل الحقيقة و تشوه ملامحها بحجة أنهم يتضامنون مع الثوار الحقيقيين تحت مظلة حماية حرية الرأي و التعبير للشعوب ، بغض النظر إن كانت هذه الشعوب تتمتع بالوعي و الفكر اللازمين لقيادة و إدارة حرية التعبير و الرأي أو أنها مجرد أصوات تصرخ في حلقة فارغة. و كانت من أهم الماسي الإعلامية التي واجهتها أحداث الثورات العربية لاغتيال حقيقتها على أرضها هي استخدام اليتيوبات التي تعتمد على التصوير الشخصي أحيانا أو على استوديوهات تدارفيها عمليات إنتاج هذه اليتيوبات و التي يتم أحيانا اغتيال الحقيقة فيها من خلال فبركة الصور و ربط صور قديمة بجديدة ( كما حدث في يتيوبات مفبركة كان المارينز الأمريكي يدوس فيها على رجال العراق في أرض العراق فصورت على أنها الجيش السوري الذي يفعل هذا بالمتظاهرين على ارض سورية) لتضل عقول الشعوب عما يحدث على أرض الواقع فتزيد من غضب الشعوب للخروج عن أمنها ويزيد من قوة دعم المعارضات الخارجية التي تتغذى خارجيا على حقد الأوطان ، و تزيد من وتيرة ارتفاع التنديد لدى أمريكا الأم الحنون للشعوب و قد تتطور الأمور إلى إرسال قوات أجنبية غاشمة و معدات عسكرية تدميرية كاملة لتقمع هذا الطاغية الحاكم المنفرد الذي شتت العالم كله . تكشف المتابعات و التحقيقات لأحداث سورية الأخيرة على وجود 9 أقنية فضائية ُجندت لتسويق مشروع الفتنة في سوريا وبث الأكاذيب في صفوف الشعب السوري لتأجيج مشاعر غضبه وخروجه عن أمنه و هي الجزيرة - العربية - أورينت - الحرة - بي بي سي - فرانس 24 - المستقبل - ام تي في – و قد مول هذا المشروع شركة أوبتي و مقرها في دبي و لها عدة مكاتب في بيروت و هي تمول هذه المكاتب ، و هي مملوكة لإيلي خوري وهو لبناني الأصل و يحمل الجنسية الأمريكية و يعمل مع اللوبي الصهيوني في واشنطن وقد قام بتجهزي 5 غرف عمليات في مناطق مختلفة لإدارة مشروع تسويق الفتنة و تضليل الشعب السوري بمجموعة من الأكاذيب . و كذلك بالنسبة للجزيرة رغم كل الدور التنويري الذي لعبته في العقل العربي و لا بد من أن نشكرها عليه ، لكن للأسف كانت تقف المصداقية عندها عندما تصل تغطيتها الإخبارية إلى الجهة التي تتبعها و تمولها وبيدها جهاز التوجيه و القيادة..ففي الوقت الذي كانت به تسلط الضوء على أحداث الثورات في تونس و مصر و اليمن و البحرين و ليبيا و تلعب دورا تحريكيا في قيادة غضب الشعوب لتتمرد على أنظمتها و تسقطها ، كانت تغطى الطرف على ما يحدث في قطر الممول الأساسي لها..فأين صوت الجزيرة الحر فيما يحصل في قطر من مظاهرات و احتجاجات في الشارع القطري ؟!! و أين كشفها لملفات العلاقات القطرية الإسرائيلية القوية في تبادل المصالح و ما ينتج عن هذه العلاقات من زيارات متبادلة و مزيد من المشاريع تحت مظلة العلاقات القطرية الإسرائيلية ؟!! . هل نقدم لها العذر لأنها قطر ؟ أم نوقف ولاء تبعيتنا لها كونها كانت المنبر التنويري الأول في العالم العربي لإضاءة عقولنا لما يحدث على الساحة العربية السياسية ؟ . أم نكون العقل الحر الذي لا يقبل التبعية و الانصياع لجهة معينة ، و الذي يستخدم أدواته للقراءة و التدقيق و التحليل و إضافة رأيه للتوصل إلى الحقيقة ؟ . و أما القنوات الإعلامية الإسرائيلية و ما أكثر تضليلها للحقيقة من خلال تركيز أخبارها على ما يظهر عداء العرب لها أمام العالم ، وما تفعله المقاومات الشريفة كحماس و جهاد و حزب الله ضدها كردة فعلها على مشروع الكيان الصهيوني الاستيطاني على أرضها و التي يطلق هذا الكيان عليها اسم المقاومات الإرهابية ، و من خلال قيادتها للحرب النفسية التي تسبق العسكرية إن وجدت صدى لقبول إشاعاتها حول عزمها على قيادة حروب ضد بعض الدول أو المقاومات ، خصوصا بعض هزيمتها النفسية التي منيت بها في حرب تموز 2006 مع حزب الله في لبنان ، و محرقة غزة مع مقاومات الفصائل حماس و جهاد في فلسطين بداية عام 2009 . لقد سبقنا أجدادنا بمراحل في تطوير وسائل التكنولوجيا بما يخدم وجودنا في هذه الحياة ، و اختصرنا الوقت ـ وأصبحت وسائل الكشف عن الحقيقة أكثر مما كانت عليه في القديم ، لكن مع كل هذا ظلت الحقيقة غائبة تلوح لنا في أفق السماء بعيدة المنال بسبب تضليل أنفسنا و تضليل الأخر لنا بإتباعنا الأعمى لما يتفق مع ميولنا الشخصية التي قد تصدق و التي قد تغيب، لكن لا تكلف نفسها بالاجتهاد لكشف الحقيقة من خلال متابعتها من عدة مصادر .
وتأتي المعارضات الخارجية التي تعيش خارج خندق الوطن لتعزف على أوتار الفتنة و المؤامرة بألحان مستهجنة مختلفة لتصطاد ضعفاء النفوس أو حتى من تعرض لظلم داخل بلده نتيجة نشاطات سياسية .. و إذا تتبعنا هوية هذه المعارضات الخارجية فسنفاجئ بأن أصحابها كانوا يعيشون في هذا الوطن يتقاسمون موارده و يشاركون في صناعة ملامحه ، لكن كانت ميولهم تغني خارج أمن الوطن ، فتم إبعادهم لتستقبلهم الدول الأخرى التي لها مصلحة في وجودهم. . أو قد يكون من بعض أفراد المعارضة الخارجية من هوية عربية لكن تربوا و ترعرعوا على هواء و موارد تلك البلاد و على عملتها و على توجهاتها فتنكروا لهوية الوطن و كوّنوا معارضتهم بدعم من تلك القوى.. و من الأهمية بمكان أن نلاحظ أن أصوات المعارضات الخارجية لا يهمها أمن الوطن و لا شعبه و لا القضاء على الفساد و تحريره من قبضة الفاسدين ـ و لا المساهمة في مشروع التغيير و الإصلاح ..لكن يهمها فقط أن تبث الفوضى بين الشعب لإشاعة الفتنة و تصعيد الخطاب الطائفي بين أبناء الوطن الواحد ، و خصوصا إن كان نسيج الوطن مكون من طوائف و مذاهب كثيرة بذلك تضعف قوته و تشتت وحدته و تقسم لحمته لكي يسهل لانقضاض عليه ، و خصوصا إذا علمنا أن بعض المعارضات الخارجية تتطلع إلى العودة إلى الوطن لتحكمه.. و للأسف هذه المعارضات تنجح في أن تجد تأييدا لها عند بعض ضعفاء النفوس الذين يتسمون بالجهل أو يعانون من الفقر أو حتى من ظلم كانت له أسباب سياسة أحيانا فتستغل حاجتهم لشراء ضمائرهم بالمال و الوعود المستقبلية و لا يمكن لمثقف شريف يحب وطنه أن ينقاد ورائهم حتى لو كانت مغرياتهم كبيرة لأنه يدرك ماهيتهم وأهدافهم الخبيثة . و لنا في المعارضة العراقية الخارجية التي ساهمت في دعم أمريكا لدخول العراق مثالا كحجة لتحرير العراقيين من نظام الرئيس الراحل صدام فدخلوا الأمريكان و مزقوا البلاد و حولوها إلى دويلات يتصاعد فيها وتيرة الخطاب الطائفي وترتفع فيها عوامل الانقسام و الفوضى و الفقر و نقص في مطالب الحياة الإنسانية الكريمة.. و كذلك ما لمسناه في أحداث سورية الأخيرة في مقاومة المؤامرة عليها من قبل معارضات خارجية بالإضافة إلى دعم قوى خارجية أخرى.. و كان على قمة هذه المعارضات الخارجية معارضة عبد الحليم خدام النائب السابق لرئيس الجمهورية العربية السورية ..حيث أعترف في لقاء معه في إذاعة بي بي سي العربية بأنه يقود معارضة تهدف إلى إسقاط النظام العلوي في سورية حصرا بحجة أنه يريد الإصلاح و التغيير فضغط على ورقة الطائفية للتمييز بين شعب سورية و محاولة خلق فتنة بين الطوائف و المذاهب ،لكنه فشل بسبب مناعة هذا الشعب السوري المتسلح بالوعي و الإدراك و الحب لوطنه..وطبعا يجب أن نفرق بين المعارضة الخارجية التي تتغذى على توجيهات خارج الوطن والمعارضة الداخلية التي تنشأ في قلب الوطن تطالب بمطالب مشروعة بطرق سلمية بشكل لا تعترض مع أمن الوطن .
و هكذا تتوالى ضربات أيدي الضلال بمختلف أشكالها لتغتال حقيقة ما يحدث على مسرح الثورات العربية بسبب سوء استخدام الكثير لأدوات الإعلام التي وجدت لنقل الخبر و تبليغ الناس به و للأسف كانت المصالح الشخصية و المال و ضعف الضمائر و قابليتها للضلال هي السبب الرئيسي لتضليل الحقيقة و تغيير مسارها .
مع التحيات
رنا خطيب
18/4/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق