مقال سياسي:
سورية العربية تمر بمرحلة عصيبة تبتعد عن سماءها شمس الحقيقة و دفئها في ظل اقتحام غيوم رمادية صحو سمائها فتفتقد بعض العقول إلى الرؤية السليمة ، و تتخبط الخطوات ، و يتسارع قطار الفوضى نحو تجسيد مزيدا من النزف على أرض سورية ..
في مشهد عصيب تتشدّد فيه كل الأطراف المشاركة في صناعة الأحداث على أرض سورية ، تتزايد الأصوات المغردة بعيدا عن سرب الوطن رغم كل الإصلاحات التي يسعى النظام السوري إلى ترسيخها ،و رغم الدعوة إلى حوار وطني شامل لكل الأحزاب و المعارضات السورية ، لكن على ما يبدو للمعارضة السورية أهدافا تسعى إلى تنفيذها غير مصلحة الوطن و شعبه ، و قد استغلت الحالة اللامنية المتأزمة في البلاد ، و الحراك الشعبي السوري المطالب بحريته و حقوقه لتضرب ضربتها .
لنتفق أن جرح الوطن لا يعانيه إلا أصحابه الذين يقيمون داخله ، و هم يتحملون أعباء كل هذا الجرح التي قد تصل إلى درجة الموت . و ليس هذا انتقاصا من أبناء الوطن الذين يعيشون خارج أوطانهم لظروف أمنية ، أو اقتصادية ، أو تطلعات و طموحات شخصية لا يحققها إلا الغرب ، أو حب و ولاء للغرب ، و لكن لبعدهم الكامل أو الجزئي عن حقيقية ما يحصل في الوطن ، و لبعدهم عن أي تأثير و مستجدات قد تظهر على ساحة الوطن و يتعرض لها أبن الوطن داخل وطنه. هذه حقيقة يجب أن نقر بها جميعا حتى لو كانت تخالف أهوائنا الشخصية.
و من هنا يحق لنا نحن أبناء الداخل في سورية أن نستغرب خطوات المعارضة السورية الخارجية المتجهة نحو الغرب لدعم الداخل السوري ، و التي كما صرّحوا عنها بأنها تتألف من 300 شخص يمثلون أنفسهم ، و ليسوا أحزابا و لا مجموعات أخرى في أن ينصّبوا أنفسهم أوصياء على المجتمع السوري كله ، و يتكلمون باسمه في دول غربية لم تكن يوما يعنيها من عالمنا العربي غير مصالحها ، و هي ليست على استعداد أن تقدم أي خدمة مجانية لبني العرب و المسلمين.. و من يريد أن يغفل عن حقيقة تاريخهم الدموي و ما فعلوه بالعرب و المسلمين و يفعلونه حتى الآن هذا شأنه ، لكن لا يحق له أن يتصرف بالوطن و الشعب على أنه من ممتلكاته الخاصة...
و بناء على استغلال ما يحدث على أرض سورية أستطاع المعارضون السوريون أن يكسبوا عطف الدول الغربية تركيا و بلجيكا و فيما بعد فرنسا و استراليا و الولايات المتحدة ليحتضنوا مواقفهم و مؤتمراتهم لعدة أيام لبحث سبل دعم الثورة السورية ..ففي مدينة أنطاليا التركية عُقد مؤتمرا للمعارضة السورية في الأول من حزيران لعام 2011 تحت اسم "المؤتمر السوري للتغيير" و هو المؤتمر التشاوري الأول من نوعه يجمع حشدا كبيرا من الممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا. وعن إعلان دمشق الذي يضم هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج وتنظيمات وشخصيات كردية وممثلين عن عشائر وعن شبان يشاركون في تنظيم الحركة الاحتجاجية في سوريا. و طالبوا فيه المعارضون في ختام مؤتمرهم في مدينة انطاليا التركية الرئيس السوري بشار الأسد بالاستقالة الفورية، والى "تسليم السلطة إلى نائبه"، و إلى انتخاب المؤتمرون هيئة استشارية تكون مهمتها على وفق بيانهم الختامي "اختيار هيئة تنفيذية تقوم بوضع خطة عملية لحشد الدعم للداخل"ودعا البيان الختامي للمؤتمر "إلى انتخاب مجلس انتقالي يضع دستورا ثم تتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية ورئاسية خلال فترة لا تتجاوز العام ابتداء من استقالة الرئيس" السوري.وأكد البيان الختامي على دعم ما اسماه "الثورة" في سورية مع استبعاد خيار التدخل الأجنبي والتأكيد على وحدة التراب السوري.كما دعا البيان الى دستور سوري جديد يضمن بالتساوي حقوق كل مكونات الشعب السوري وقومياته المختلفة من عرب واكراد وكلدو اشوريين وشركس وارمن. " ثم تلاه عقد مؤتمر بروكسل تحت اسم «الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية» بتاريخ الخامس من حزيران الجاري ، و الذي ضم أيضا حوالي 200 مشارك من المعارضين السوريين ، و الذي دعى أيضا إلى دعم الحراك الداخلي في بلادهم، والدعوة لإحالة مرتكبي الجرائم إلى الجنائية الدولية. وأكدوا "فتح مكتب للائتلاف الوطني في عاصمة الوحدة الأوروبية بروكسل". من جهة أخرى، اعتبر المعارضون أن قيام الرئيس السوري بتشكيل هيئة لإطلاق "حوار وطني" هو بمثابة "مهزلة". ثم تلاه موقف فرنسا الأخير و التي أعربت فرنسا عن استعدادها لدعوة مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدين دمشق على الرغم من الفيتو الروسي المحتمل لمعارضة القرار. كما صرحت بأن الرئيس بشار الأسد قد فقط شرعيته أما استراليا فقد دعت الأمم المتحدة إلى دراسة إحالة الرئيس السوري بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب معاملة المتظاهرين المناوئين للحكومة.وقال وزير الخارجية كيفين راد إن بلاده وسعت نطاق العقوبات المفروضة على الدائرة المقربة من الرئيس السوري لتشمل مزيدا من الأفراد المتصلين به .و كذلك أعلنت مؤخرا وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد قد انتهت تقريبا وأنه ينبغي على العالم أن يبدي مزيدا من التوافق في شأن طريقة التصدي لقمعه للاحتجاجات المناهضة للحكومة.
إذا كل ما تم نقله عن الحراك الخارجي للمعارضة السورية لكسب تأييد و دعم دول الغرب يشير في ظاهره إلى دعم مزعوم للثورة السورية بإسقاط النظام و التهيئة الخارجية للإعداد لانتخابات رئاسية حرة تمهيدا لبناء دولة سورية الديمقراطية .لكن يحق لأبناء سورية و نحن نتابع هذا الحراك الخارجي أن نتساءل عن مدى شرعيته ؟ و من أي قاعدة ينطلق ؟ و من يدعمه و يرفده؟ و ما هي الأهداف الأخرى غير المعلنة ؟
علمتنا المتابعة للحدث السياسي على أن الثقة في المصادر المتحركة تبنى من خلال مواقف و أفعال ماضية ، و التي أصبحت تاريخا في الوقت الحالي إما نفتخر به أو ننعار منه .. فإذا رجعنا إلى تاريخ المعارضة السورية الخارجية، سنفاجئ بأنه تاريخ فارغ بدون مواقف مشرفة للوطن ، و لم تستطع على مدى أربعة عقود مضت تقريبا منذ تاريخ نشوئها في أحضان الغرب أن تقدم أي شيء للوطن ، و لم يكن لها يوما تأثيرا و لا قاعدة شعبية تلتف حولها لأن الشعب السوري عموما نشأ على حب الوطن و يعتبر أي حراك خارجي هو حراك خبيث ليست نواياه صالحة ، بل و تعي تماما أن قضية الشعب السوري لم تكن يوما مركز اهتمامها ، و يعرف أيضا أن للمعارضة أجندة خارجية ينظمها من يرعوهم و أن لهم أهدافا متفقة مع مصالحهم .و هنا يحق لنا أن نذكّر كل من غفل عن الحقيقة مالذي يجعل تركيا التي احتلت العرب أربعمائة عام و التي ما زالت تحتل مدن من سورية ، و التي كانت سورية سببا في تهدئة العلاقات بينها و بين الدول الجوار كالعراق و أرمينيا و التي لديها ملفا ساخنا حول القضية الكردية يتركز في احتلالها لقسم كبير من كردستان ، و تعامل الأكراد معاملة سيئة و تحرمهم من حقوقهم على أرضهم ، و التي ارتكبت المجازر بحق شعب أرمينيا و الأكراد ايضا ، أن تحتضن مؤتمر المعارضة السورية بحجة التغيير ..بل مالذي يدفع الدول الأوربية و التي كانت و ما تزال تعبر عن عنصريتها تجاه العالم العربي ، و الذي ما زال العربي يذكر حروبها الصليبية العسكرية و ما حصدته من أرواح عربية ، و كذلك يذكر سيطرتها الاقتصادية التي ما تزال قائمة حتى الآن في العالم العربي ، أن تهتم بالشأن السوري الداخلي و تسعى مع المغردين خارج الوطن لفرض تدخلا أجنبيا بحجة حماية المدنين من الطغيان .من يريد أن يصدقهم و هم ما زالوا غارقين في ليبيا حتى الآن ! و يدعمون المعارضة كأداة لتدميرها و تقسيمها ثم استثمارها على النحو الذي وضعوه ! بل من نسي مأساة العراق ! ، و التي ساهم فيها أيضا المعارضون العراقيون في جلب أمريكا و كان معها الدمار و الانقسام عوضا عن الديمقراطية التي وعدتهم بها بعد إسقاط نظام صدام .. و ما زالت تحتل العراق تحت اسم الديمقراطية المزيفة؟
فكيف سنبني ثقتنا بكم أيها المعارضين و نحن نعرف أن لا تاريخ مشرف لكم في سورية ، و لا مواقف تجعلنا نثق بكم . و كيف تناقضون أنفسكم في أن تكون دعوتكم لدعم الحراك الداخلي داخل سورية و أنتم في بروج أوربية تدعمكم و تؤكدون بأنكم تسعون إلى اللحمة الوطنية بدون تدخل أجنبي عسكري ..ألم تسألوا أنفسكم لماذا أوربا و تركيا و أمريكا تدعمكم؟ هل تعرفون الجواب من خلال متابعتكم لأحداث ليبيا الآن ؟ أم أنكم تعرفون الجواب و تسعون إلى ترسيخ مصالحكم في سورية الموعودة بعد سقوط النظام ؟ ثم بماذا ستدعمون الحراك الداخلي في سورية ما دمتم تعترفون بأنه حراكا سلميا ؟ هل بالسلاح أم بالمال أم بالتحريض و التغرير بأطفاله و نسائه الحرائر و شبابه المقهور ليخرج إلى ساحات الانتحار مخدوعا بشعارات الحرية و الديمقراطية المصنعة بمقاييس أمريكية و ليست بمقاييسنا كأمة عربية و إسلامية ؟ ثم لماذا لا تمدون جسور التفاهم بيننا و بينكم من خلال قبولكم للحوار الوطني الذي أعلنه الرئيس بشار الأسد ؟ ..منه خطوة و منكم خطوة و نطوق الفتنة و الدمار الذي يحدث على أرض سورية و نطوق عمل الفاسدين الذين لا يردون لهذا البلد الأمن الاستقرار و الأمان ؟ و هل ما تريدونه هو إسقاط النظام أم التغيير و الإصلاح في سورية ؟ ..إذا لماذا لا تسعون إلى اللقاء داخل الوطن بعد أن أصبحت الفرصة سانحة للحوار لتقدموا رؤية إصلاحية شاملة للانتقال بسورية من مرحلة الفساد إلى الإصلاح و نبني كلنا سورية العربية ؟ ليس إسقاط رأس النظام هو كل الحلول لمحاربة الفساد في الدولة ، و ليس كل ما يحصل في الساحة العربية هو صنيعة الشباب العربي الثائر ، و خصوصا بعد أن بدأت أوراق الدعم الأمريكي و الأوربي تكشف عن هويتها لدعمها لثورتي تونس و مصر و ليبيا ..إذا لماذا لا نبدأ بهذا الحل السلمي و الانتقال إلى الديمقراطية بأقل الخسائر؟ ثم ما هو الدستور الجديد الذي تسعون له؟ و من سيضعه؟و ما هو دور الشعب السوري على أرضه في المشاركة في صياغة الدستور الجديد و حتى انتخاب رئيسا جديدا كما تخططون أنتم؟ ما دمتم اخترتم دعمكم من الخارج فمباذا ستشاركون الشعب السوري في تقرير شؤون دولته و دستوره؟
إشارات الاستفهام التي تطرحها العقول كثيرة حول شرعية أو لا شرعية عمل المعارضة السورية الخارجية ، و التي أجدها غالبا ركوبا على موجة الثورة السورية ، التي انتفضت لأهداف إنسانية تتحقق فيها حرية و كرامة الشعب السوري و ليس لتدمير البلاد و جلب التدخل الأجنبي إليه - و أعتقد هذا يتفق عليه كل شرفاء سورية سواء كانوا معارضين أو مؤيدين للنظام- ، لتحقيق مصالح خاصة في الوطن .
لنعي جميعا الدور الأوربي و إمكانية ظهوره مجددا على الساحة العربية كأداة سلمية تطمح لها الشعوب لتحقيق الحرية و الديمقراطية المزعومة ، و التي هي مرشحة لهذا الدور أكثر من أمريكا كوننا تابعنا سياسة أمريكا في بلادنا التي تقوم على القوة العنجهية و فرض الحلول الأمريكية في الدول العربية .
و ما بين هذا التنافس الدولي تضيع حقوق الشباب العربي الثائر لنيل حريته و كرامته و حقوقه و يركب الجميع على موجة ثورته الهادرة .. و لم و لن يكون التأييد الغربي لشباب العربي يوما للحصول على حقوقهم ، لكن للحصول على أكبر حصة قادمة من المصالح المتنافس عليها في الشرق الأوسط و خصوصا العالم العربي ..فهل نساعدهم في مهمتهم ؟ أم نتعاون جميعا على حل أزماتنا بأنفسنا و أيدينا المحلية .
رنا خطيب
كاتبة من سورية
7/6/2011
مؤتمرات إنقاذ للشعب السوري و أين ؟ في أحضان الغرب ؟!!!!
سورية العربية تمر بمرحلة عصيبة تبتعد عن سماءها شمس الحقيقة و دفئها في ظل اقتحام غيوم رمادية صحو سمائها فتفتقد بعض العقول إلى الرؤية السليمة ، و تتخبط الخطوات ، و يتسارع قطار الفوضى نحو تجسيد مزيدا من النزف على أرض سورية ..
في مشهد عصيب تتشدّد فيه كل الأطراف المشاركة في صناعة الأحداث على أرض سورية ، تتزايد الأصوات المغردة بعيدا عن سرب الوطن رغم كل الإصلاحات التي يسعى النظام السوري إلى ترسيخها ،و رغم الدعوة إلى حوار وطني شامل لكل الأحزاب و المعارضات السورية ، لكن على ما يبدو للمعارضة السورية أهدافا تسعى إلى تنفيذها غير مصلحة الوطن و شعبه ، و قد استغلت الحالة اللامنية المتأزمة في البلاد ، و الحراك الشعبي السوري المطالب بحريته و حقوقه لتضرب ضربتها .
لنتفق أن جرح الوطن لا يعانيه إلا أصحابه الذين يقيمون داخله ، و هم يتحملون أعباء كل هذا الجرح التي قد تصل إلى درجة الموت . و ليس هذا انتقاصا من أبناء الوطن الذين يعيشون خارج أوطانهم لظروف أمنية ، أو اقتصادية ، أو تطلعات و طموحات شخصية لا يحققها إلا الغرب ، أو حب و ولاء للغرب ، و لكن لبعدهم الكامل أو الجزئي عن حقيقية ما يحصل في الوطن ، و لبعدهم عن أي تأثير و مستجدات قد تظهر على ساحة الوطن و يتعرض لها أبن الوطن داخل وطنه. هذه حقيقة يجب أن نقر بها جميعا حتى لو كانت تخالف أهوائنا الشخصية.
و من هنا يحق لنا نحن أبناء الداخل في سورية أن نستغرب خطوات المعارضة السورية الخارجية المتجهة نحو الغرب لدعم الداخل السوري ، و التي كما صرّحوا عنها بأنها تتألف من 300 شخص يمثلون أنفسهم ، و ليسوا أحزابا و لا مجموعات أخرى في أن ينصّبوا أنفسهم أوصياء على المجتمع السوري كله ، و يتكلمون باسمه في دول غربية لم تكن يوما يعنيها من عالمنا العربي غير مصالحها ، و هي ليست على استعداد أن تقدم أي خدمة مجانية لبني العرب و المسلمين.. و من يريد أن يغفل عن حقيقة تاريخهم الدموي و ما فعلوه بالعرب و المسلمين و يفعلونه حتى الآن هذا شأنه ، لكن لا يحق له أن يتصرف بالوطن و الشعب على أنه من ممتلكاته الخاصة...
و بناء على استغلال ما يحدث على أرض سورية أستطاع المعارضون السوريون أن يكسبوا عطف الدول الغربية تركيا و بلجيكا و فيما بعد فرنسا و استراليا و الولايات المتحدة ليحتضنوا مواقفهم و مؤتمراتهم لعدة أيام لبحث سبل دعم الثورة السورية ..ففي مدينة أنطاليا التركية عُقد مؤتمرا للمعارضة السورية في الأول من حزيران لعام 2011 تحت اسم "المؤتمر السوري للتغيير" و هو المؤتمر التشاوري الأول من نوعه يجمع حشدا كبيرا من الممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا. وعن إعلان دمشق الذي يضم هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج وتنظيمات وشخصيات كردية وممثلين عن عشائر وعن شبان يشاركون في تنظيم الحركة الاحتجاجية في سوريا. و طالبوا فيه المعارضون في ختام مؤتمرهم في مدينة انطاليا التركية الرئيس السوري بشار الأسد بالاستقالة الفورية، والى "تسليم السلطة إلى نائبه"، و إلى انتخاب المؤتمرون هيئة استشارية تكون مهمتها على وفق بيانهم الختامي "اختيار هيئة تنفيذية تقوم بوضع خطة عملية لحشد الدعم للداخل"ودعا البيان الختامي للمؤتمر "إلى انتخاب مجلس انتقالي يضع دستورا ثم تتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية ورئاسية خلال فترة لا تتجاوز العام ابتداء من استقالة الرئيس" السوري.وأكد البيان الختامي على دعم ما اسماه "الثورة" في سورية مع استبعاد خيار التدخل الأجنبي والتأكيد على وحدة التراب السوري.كما دعا البيان الى دستور سوري جديد يضمن بالتساوي حقوق كل مكونات الشعب السوري وقومياته المختلفة من عرب واكراد وكلدو اشوريين وشركس وارمن. " ثم تلاه عقد مؤتمر بروكسل تحت اسم «الائتلاف الوطني لدعم الثورة السورية» بتاريخ الخامس من حزيران الجاري ، و الذي ضم أيضا حوالي 200 مشارك من المعارضين السوريين ، و الذي دعى أيضا إلى دعم الحراك الداخلي في بلادهم، والدعوة لإحالة مرتكبي الجرائم إلى الجنائية الدولية. وأكدوا "فتح مكتب للائتلاف الوطني في عاصمة الوحدة الأوروبية بروكسل". من جهة أخرى، اعتبر المعارضون أن قيام الرئيس السوري بتشكيل هيئة لإطلاق "حوار وطني" هو بمثابة "مهزلة". ثم تلاه موقف فرنسا الأخير و التي أعربت فرنسا عن استعدادها لدعوة مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدين دمشق على الرغم من الفيتو الروسي المحتمل لمعارضة القرار. كما صرحت بأن الرئيس بشار الأسد قد فقط شرعيته أما استراليا فقد دعت الأمم المتحدة إلى دراسة إحالة الرئيس السوري بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب معاملة المتظاهرين المناوئين للحكومة.وقال وزير الخارجية كيفين راد إن بلاده وسعت نطاق العقوبات المفروضة على الدائرة المقربة من الرئيس السوري لتشمل مزيدا من الأفراد المتصلين به .و كذلك أعلنت مؤخرا وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد قد انتهت تقريبا وأنه ينبغي على العالم أن يبدي مزيدا من التوافق في شأن طريقة التصدي لقمعه للاحتجاجات المناهضة للحكومة.
إذا كل ما تم نقله عن الحراك الخارجي للمعارضة السورية لكسب تأييد و دعم دول الغرب يشير في ظاهره إلى دعم مزعوم للثورة السورية بإسقاط النظام و التهيئة الخارجية للإعداد لانتخابات رئاسية حرة تمهيدا لبناء دولة سورية الديمقراطية .لكن يحق لأبناء سورية و نحن نتابع هذا الحراك الخارجي أن نتساءل عن مدى شرعيته ؟ و من أي قاعدة ينطلق ؟ و من يدعمه و يرفده؟ و ما هي الأهداف الأخرى غير المعلنة ؟
علمتنا المتابعة للحدث السياسي على أن الثقة في المصادر المتحركة تبنى من خلال مواقف و أفعال ماضية ، و التي أصبحت تاريخا في الوقت الحالي إما نفتخر به أو ننعار منه .. فإذا رجعنا إلى تاريخ المعارضة السورية الخارجية، سنفاجئ بأنه تاريخ فارغ بدون مواقف مشرفة للوطن ، و لم تستطع على مدى أربعة عقود مضت تقريبا منذ تاريخ نشوئها في أحضان الغرب أن تقدم أي شيء للوطن ، و لم يكن لها يوما تأثيرا و لا قاعدة شعبية تلتف حولها لأن الشعب السوري عموما نشأ على حب الوطن و يعتبر أي حراك خارجي هو حراك خبيث ليست نواياه صالحة ، بل و تعي تماما أن قضية الشعب السوري لم تكن يوما مركز اهتمامها ، و يعرف أيضا أن للمعارضة أجندة خارجية ينظمها من يرعوهم و أن لهم أهدافا متفقة مع مصالحهم .و هنا يحق لنا أن نذكّر كل من غفل عن الحقيقة مالذي يجعل تركيا التي احتلت العرب أربعمائة عام و التي ما زالت تحتل مدن من سورية ، و التي كانت سورية سببا في تهدئة العلاقات بينها و بين الدول الجوار كالعراق و أرمينيا و التي لديها ملفا ساخنا حول القضية الكردية يتركز في احتلالها لقسم كبير من كردستان ، و تعامل الأكراد معاملة سيئة و تحرمهم من حقوقهم على أرضهم ، و التي ارتكبت المجازر بحق شعب أرمينيا و الأكراد ايضا ، أن تحتضن مؤتمر المعارضة السورية بحجة التغيير ..بل مالذي يدفع الدول الأوربية و التي كانت و ما تزال تعبر عن عنصريتها تجاه العالم العربي ، و الذي ما زال العربي يذكر حروبها الصليبية العسكرية و ما حصدته من أرواح عربية ، و كذلك يذكر سيطرتها الاقتصادية التي ما تزال قائمة حتى الآن في العالم العربي ، أن تهتم بالشأن السوري الداخلي و تسعى مع المغردين خارج الوطن لفرض تدخلا أجنبيا بحجة حماية المدنين من الطغيان .من يريد أن يصدقهم و هم ما زالوا غارقين في ليبيا حتى الآن ! و يدعمون المعارضة كأداة لتدميرها و تقسيمها ثم استثمارها على النحو الذي وضعوه ! بل من نسي مأساة العراق ! ، و التي ساهم فيها أيضا المعارضون العراقيون في جلب أمريكا و كان معها الدمار و الانقسام عوضا عن الديمقراطية التي وعدتهم بها بعد إسقاط نظام صدام .. و ما زالت تحتل العراق تحت اسم الديمقراطية المزيفة؟
فكيف سنبني ثقتنا بكم أيها المعارضين و نحن نعرف أن لا تاريخ مشرف لكم في سورية ، و لا مواقف تجعلنا نثق بكم . و كيف تناقضون أنفسكم في أن تكون دعوتكم لدعم الحراك الداخلي داخل سورية و أنتم في بروج أوربية تدعمكم و تؤكدون بأنكم تسعون إلى اللحمة الوطنية بدون تدخل أجنبي عسكري ..ألم تسألوا أنفسكم لماذا أوربا و تركيا و أمريكا تدعمكم؟ هل تعرفون الجواب من خلال متابعتكم لأحداث ليبيا الآن ؟ أم أنكم تعرفون الجواب و تسعون إلى ترسيخ مصالحكم في سورية الموعودة بعد سقوط النظام ؟ ثم بماذا ستدعمون الحراك الداخلي في سورية ما دمتم تعترفون بأنه حراكا سلميا ؟ هل بالسلاح أم بالمال أم بالتحريض و التغرير بأطفاله و نسائه الحرائر و شبابه المقهور ليخرج إلى ساحات الانتحار مخدوعا بشعارات الحرية و الديمقراطية المصنعة بمقاييس أمريكية و ليست بمقاييسنا كأمة عربية و إسلامية ؟ ثم لماذا لا تمدون جسور التفاهم بيننا و بينكم من خلال قبولكم للحوار الوطني الذي أعلنه الرئيس بشار الأسد ؟ ..منه خطوة و منكم خطوة و نطوق الفتنة و الدمار الذي يحدث على أرض سورية و نطوق عمل الفاسدين الذين لا يردون لهذا البلد الأمن الاستقرار و الأمان ؟ و هل ما تريدونه هو إسقاط النظام أم التغيير و الإصلاح في سورية ؟ ..إذا لماذا لا تسعون إلى اللقاء داخل الوطن بعد أن أصبحت الفرصة سانحة للحوار لتقدموا رؤية إصلاحية شاملة للانتقال بسورية من مرحلة الفساد إلى الإصلاح و نبني كلنا سورية العربية ؟ ليس إسقاط رأس النظام هو كل الحلول لمحاربة الفساد في الدولة ، و ليس كل ما يحصل في الساحة العربية هو صنيعة الشباب العربي الثائر ، و خصوصا بعد أن بدأت أوراق الدعم الأمريكي و الأوربي تكشف عن هويتها لدعمها لثورتي تونس و مصر و ليبيا ..إذا لماذا لا نبدأ بهذا الحل السلمي و الانتقال إلى الديمقراطية بأقل الخسائر؟ ثم ما هو الدستور الجديد الذي تسعون له؟ و من سيضعه؟و ما هو دور الشعب السوري على أرضه في المشاركة في صياغة الدستور الجديد و حتى انتخاب رئيسا جديدا كما تخططون أنتم؟ ما دمتم اخترتم دعمكم من الخارج فمباذا ستشاركون الشعب السوري في تقرير شؤون دولته و دستوره؟
إشارات الاستفهام التي تطرحها العقول كثيرة حول شرعية أو لا شرعية عمل المعارضة السورية الخارجية ، و التي أجدها غالبا ركوبا على موجة الثورة السورية ، التي انتفضت لأهداف إنسانية تتحقق فيها حرية و كرامة الشعب السوري و ليس لتدمير البلاد و جلب التدخل الأجنبي إليه - و أعتقد هذا يتفق عليه كل شرفاء سورية سواء كانوا معارضين أو مؤيدين للنظام- ، لتحقيق مصالح خاصة في الوطن .
لنعي جميعا الدور الأوربي و إمكانية ظهوره مجددا على الساحة العربية كأداة سلمية تطمح لها الشعوب لتحقيق الحرية و الديمقراطية المزعومة ، و التي هي مرشحة لهذا الدور أكثر من أمريكا كوننا تابعنا سياسة أمريكا في بلادنا التي تقوم على القوة العنجهية و فرض الحلول الأمريكية في الدول العربية .
و ما بين هذا التنافس الدولي تضيع حقوق الشباب العربي الثائر لنيل حريته و كرامته و حقوقه و يركب الجميع على موجة ثورته الهادرة .. و لم و لن يكون التأييد الغربي لشباب العربي يوما للحصول على حقوقهم ، لكن للحصول على أكبر حصة قادمة من المصالح المتنافس عليها في الشرق الأوسط و خصوصا العالم العربي ..فهل نساعدهم في مهمتهم ؟ أم نتعاون جميعا على حل أزماتنا بأنفسنا و أيدينا المحلية .
رنا خطيب
كاتبة من سورية
7/6/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق