الجمعة، 4 مايو 2012

مقال: قضية الصراع الطائفي

مقال سياسي حواري

قضية الصراع الطائفي


قضية الصراع الطائفي الذي هو بجدارة صناعة يهودية أطلقها اليهود منذ مقتل عثمان ثم تلاها علي رضوان الله عليهما ، وما خلفت هذه الصناعة من انقسام حاد في صفوف المسلمين أدت إلى ظهور الفرق و الملل الآخر منشقة عن المذهب الإسلامي الواحد مذهب الجماعة.... و هو مذهب الرسول عليه الصلاة و السلام و خلفاءه و أصحابه و كل من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ....و متخذة لها ( الفرق ) مبادئ و تشريعات بعيدة عن جوهر العقيدة الإسلامية ...و هي صراعات مرجعها الأساسي سياسيا يدور حول من أولى بالحكم أو السلطة و ثرواتها ..
هذه القضية ( الصراع الطائفي ) أصبحت على ما يبدو من مستلزمات وجود المسلم سواء على أرض الواقع أو في العالم الافتراضي  ، و أصبح الخوض و الانغماس في معارك هذا الصراع من المسلمات البديهية .

و كون كلمة صراع أو خلاف تدل على وجود أكثر من موقف أو مبدأ أو رؤية بين طرفين مختلفين ، فهذا يعني وجود تنافر و انقسام و خلاف يجعل هذان الطرفان بعيدان عن إمكانية تلاقيهم في نقطة هدف واحدة أو مصلحة واحدة..
ما يخصنا هنا هو الحديث عن الصراع و الخلاف الطائفي القائم بين الأخوة المسلمين ، و يؤسفني أن أحدد المسميات لكن الواقع الآن أصبح هو من يقرّها ..سني و شيعي..

هناك اختلاف عقائدي حاد بين هذين المذهبين ..و الكل يعلم الخلاف العقائدي لا يمكن أن يكون كأي خلاف آخر يمكن حله بأي طريقة..و بالتالي المسالة هنا أصبحت أكثر تعقيدا..

هناك مساس برموز و مقدسات العقيدة الإسلامية في جوهرها من طرف الشيعة نظرا لما توارثوه و تناقلوه عبر التاريخ من عقائد آباءهم دون التفكير بمنطق العقل كيف لمثل هذه العقائد أن تستقر في عقل المسلم الذي حرره الله من كافة القيود التي يمكن أن تمس بكرامته و حريته و وجوده كإنسان له قيمته التي حددها الله له و جعله الخليفة له على الأرض ليقيم بها العدل و يعمّر الأرض بالخير.. و في هذا قال الله تعالى {واذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا أوَلَوْ كان آباؤهم لا يعقِلون شيئاً ولا يهتدون} سورة البقرة، الآية 170

وهناك الطرف المدافع عن هذه الرموز و مقدسات العقيدة الإسلامية ..و قد تختلف طريقة الدفاع من مسلم إلى آخر وفقا لقوة علمه و ردعه و تصديه بالحكمة و المنطق و الوعي و المعرفة أو وفقا لقوة الغضب و العصبية و التهاتر الكلامي و السب و الشتم..

و هنا يبدأ الشقاق بسبب هذا التباين و الاختلاف..

الحوارات في هذا المجال شاهدة علينا كلنا .. و لكن أكثرها لا تؤدي غرض الحوار الذي يجمع المختلفين على طاولة واحدة و فكرة واحدة ..لأنه بصراحة ما نشهده نحن المسلمون بحق بعضنا البعض ليس حوارا ، بل ثورات كلامية تهدف للرد بمبدأ الرد و كسر شوكة الآخر و إلحاق الهزيمة به.. نريد أن ننكر وجوده كمسلم أو حتى إنسان يعيش على الأرض.. لذلك نفشل كلنا في كسب الآخر لنا أو إقناعه بفكرتنا أو الدعاء له عندما تعجز السبل عن إقناعه..

الإنسان الذي يقع ضحية معتقده أو مبدئه أو توجهه أو رؤيته هل من المفروض علينا محاربته و لجمه و إخراجه من دائرة الإسلام أو حتى التواصل الإنساني؟؟ هل هكذا أمرنا الله في أداء رسالتنا الإسلامية ؟ وماذا عن تواصلنا مع الشعوب الأخرى و حقوق هذه الشعوب علينا؟؟

تواصلنا مع الشعوب الأخرى يعني مع من يختلف عنا قد يكونوا مسلمين و قد يكونوا كتابيين و قد يكونوا كافرين .و في التعامل مع هذه الشرائح وضع رسول الأمة قاعدة عامة نتعامل من خلالها مع الآخر : الآخر: المؤمن هو للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً.
والآخر الكتابي في المجتمع الإسلامي هو في ذمة المسلم والرسول عليه الصلاة و السلام يقول "من آذى ذمياً فقد آذاني".
أما الآخر الكافر، فالعلاقة معه مبنية على قاعدة "لكم دينكم ولي دين". سورة الكافرون.
وفي كل الحالات، فان العلاقة بين المسلم والآخر يختصرها الحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول محمد " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ".


كيف للآخر أن يقتنع بما نريد أن نوصل له ، و نحن نوحي له بأنك عدو الله و الإسلام قبل أن نقنعه؟؟

الدعوة إلى دين الله واجب على كل مسلم لكن أمرنا أن ندعو بالحكمة و الموعظة الحسنة..
{ومن أحسنُ قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} (سورة فصلت، الآيتان 33-34).

لذلك ينهى الله المؤمنين أن يسلكوا في دعواتهم أساليب التهجم و السب و الطعن أو حتى مجاراة من يسب حرصا على أن لا يسبوا ديننا و في هذا قال الله تعالى : {ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علم} (سورة الانعام، الآية 108). فهذه الآية تشير لمن هو من غير دين الإسلام فما بالنا بأخوة مسلمين لنا ، لكنهم اختلفوا معانا بسبب الموروث الذي ورثوه من آباءهم..
فهل نضعهم في خانة المجرمين كما يقول البعض؟ أم نتحاور معهم و نبين و نفصل لهم و ندعو لهم ؟ لكن لسنا معنيين بفرض النتائج عليهم بعد كل هذا التفصيل.. فالدعوة من عندنا و الهداية من عند الله.. و لقد جعل الله في اختلافنا آية {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما أتاكم. فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} (سورة المائدة، الآية 48). و{الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} (سورة آل عمران، الآية 141). و{لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} (سورة هود، الآية 118).

بعد كل هذا التفصيل

أتوجه أليكم يا مثقفي الأمة العربية على اتساع رقعتها بهذه الأسئلة

كيف لنا أن نواجه قضية الصراع الطائفي و أني أرى نارها تنتشر بسرعة كبيرة حتى أصبح الصراع الطائفي على حساب المذهب الواحد؟؟

كيف نحتوي هذا الخلاف بين المسلمين ؟؟ و كيف نتعامل مع قضية من يسب أو يشتم أو يطعن في الرموز الإسلامية ؟

هل نستطيع أن نتجاوز هذا الصراع بيننا و نحن نتعرض لمؤامرة جميعنا و الكاسب الوحيد فيها هو عدو الله و المسلمين إسرائيل؟؟

لقد كان المشروع الطائفي في أرض المسلمين أكبر مشروع صهيوني نجحت به إسرائيل و حصدت منه نتائج مذهلة..فقد ذهب ضحية هذا الصراع دول مسلمة و عربية عظمى و قواد و أشراف مسلمين كثر ،  بالإضافة إلى ما ذهب من أرواح حتى  الآن و خسائر على المستوى الفكري و الاقتصادي و العسكري لا تعد و لا تحصى .
الم ندرك يا أخواني بأن إسرائيل لا تقدر علينا و نحن نقف في صف واحد ، و هدفنا واحد..بل لا بد من زرع الفتن الطائفية لتذيب الوحدة و التلاحم بين الصفوف ثم تحولها إلى انقسام بين هذه الصفوف فيبدأ التنازع ةو الخلاف الذي قد يؤدي إلى زهق الأرواح في ما بيننا و بعد هذا سنضعف و في ضعفنا تبدأ إسرائيل باستغلال هذا الضعف و هذا الوهن الذي ألم بنا بسبب نزفنا و استنزاف بعضنا بعض في معارك الصراع الطائفي و من ثم تقوم بإحكام قبضتها علينا و فرض شروطها و التوسع في مشروعها الاستيطاني ..و مشروعها لا يقف عند حدود إسرائيل بل هي تريد أن تقضي على الوجود الإسلامي و العربي من على الخارطة..

متى سندرك بعد أن سياستها منذ أول ظهورها بين العرب فرق تسد ..


رنا خطيب

3/7/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق